حتى هذه اللحظة لا تدري مادا تصنع ! لبها طائش,بل أصبحت تتخبط فــــي أمور حياتها كالبلهاء,الكل يتراءى سوداوي اللون أمام عينـــيها ,اهتـــزت في
فراشها فجلست القرفصاء كأنها أصيبت بالمس وجفونها الثقيلة تصر عليها بالبقــاء في الفراش الدافئ,ولكن عقارب الساعة تزحف اليها كجيش يريـــد أن يقودها الى حبل المشنقة ,وتذكرت حالة منزلها فزفرت زفرة كاد كـــبدها أن يتصدع لها ,ثم أجالت عينيها في أرجاء الغرفة ,الأسرة لا تجد من يرتبها ! الغبار يتراكم فوق الفراش ,والوقت لم يسعفها لنضــفه عنها ,فألحت عليــها داكرتها الخروج من واقع منزلها المر ,ولكن مخيلتها تأبى إلا أن تدكرهــا بأحداث تهيج أعصابها وتضطرب أنفاسها من شدة الألم, وعينها قد تقرحت من لدة البكاء الدي تتوسل به لتخفيف من معاناتها .
تدكرت نسرين وهي غارقة في دموعـــها وهي لا تجد وقتا للدهــاب فيه إلى المدرسة,ومرادا طالب علم الكمياء الدي لم يجد قميصه نظيفا فحاول الإستلاء
على قميص أخيه الأصغر فتمـــتزق القميص وثار الصغير واحتــدم النــقاش وتحولت الحملات الكلامية إلى حرب استعملت فيه أحدث الصواريخ المضادة
لأثات المنزل.إنها لن تنسى انهيار التلفاز من جـــراء ضربة قاضية قام بـــها صاروخ أرض-جو فأوقع بالتلفـــاز أرضاو الذي دفعت ثمنـــه من أول راتــب تقاضته حينما عملت مدرسة .
ضوضاء متصلة أثرت على رض المنزل الهادي!فأثارت نسرين التي أرادت التدخل لحسم الخلاف وكانت النتيجة أن شجت رأسها وسال الدم على خدها سيل الماء فوق الصخرة الصلداء, وهنا دخلت الأم إلى المنزل لترتاح من عناء يوم طويل أمضته بين الطلاب والطالبات والأوراق البيضاء واستنشقت فيــــه كثيرا من غبار الطبشورة التي صارت عندها كحبيب لا يمكن التخلي عنه,وبدل منا أن ترتاح المسكينة حملت ابنتها إلى المستشفى ,وهناك أخاطوها أو حاولوا ترقيعها كم يروي أخوها الصغير المتواجد بدار الحضانة قرب المنــــزل .
فلما دخلت عليها وأبصرتها وهي مستلقية على السرير في قسم الإنعـــــاش
انفجرت عيناها واجترت الامها ,فابتهــلت إلى الله أن يصـــل زوجـــها من
عمله ليشاركها في القضية ,ولكنه لم يأت إلا بعد انتهاء العملية ,فعاد الجميع
إلى المنزل , وأطلقت لدموعها العنان والأولاد حولها صامتون ,يمنعهم العجز
والكسل عن القيام بأي عمل أو حتى التفوه بكلمة ,إنه لشيء عجيب أن تنهار الأم أمام أولادها!!
وهنا تدخل الأب لا لحــل المشـــــكلة ولكن لتشاجــر معها,وتبادلا سيــــلا من الإتهامات يحاول كل وحد منهما الهروب من المسؤولية .
أنت التي ربيتهم !
أنت الأب في المنزل !
وهل أبقيت لي شيئا من أبوتي!
أنت الدي تنازلت عنها!
أنت سبب كل مصائبي!
بل أنا التي كدرت علي عيشي ولم أر يوما سعيدا مند أن تزوجتك !
وانتهى الحوار بينهما كما ينتهي عادة ,بعودة الرجل إلى الشــــارع فارا من جحيم المعركة ,وبدخولها إلى غرفتها وإقفال الباب في وجه ألأولاد الديــــن مازالوا في جلستهم واجمين,ينتظرون أن ينبثق من فجر الليل نور الظـــلام أو يزداد دجنة .
وعندما خلت بنفسها في غرفتها وضعت وجهها بين كفيها وأطلقت لدموعـــها العنان ,إنها لم تعد تحمل المرض ولا مشكلات البيت والمدرسة ... فما هـــي
إلا دقائق حتى خيلت لها صـــورة فيروز تحبو إليــها رويدا رويدا لتوحيـــها بقولــتها عندما أكبر سأصبح مدرسة مثلك يا أماه !!
زغردت في نفسية المعلمة فرحة لامثيل لها لأنها أصبحت قدوة يحتدى بــها , ولكنها سرعان ما استرجعت الامها وهي تقسم آلاف الإيمان أن تزوج ابنــتها فورا بعد نيلها شهادة الثانوية ,ولن تســــمح لها بدخول الحرام الجامــــعي ولا العمـــــل!!! .