الوطواط
عدد المساهمات : 73 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: من أحلى الحكايات الجمعة مارس 26, 2010 5:25 am | |
| بلغنا عن المنصور أنه جلس في إحدى قباب مدينته, فرأى رجلا ملهوفا مهموما يجول في الطرقات, فأرسل من أتاه به, فسأله عن حاله, فأخبره الرجل أنه خرج في تجارة فأفاد مالا وأنه رجع بالمال إلى منزله, فدفعه الى أهله, فذكرت امرأته أن المال سرق من بيتها ولم تر نقبا ولا تسلقا. فقال له المنصور: منذ كم تزوّجتها؟ قال: منذ سنة. قال: أفبكر هي؟ قال: لا. قال: فلها ولد من سواك؟ قال: لا. قال: فشابّة هي أم مسنّة؟ قال: بل حديثة. فدعا له المنصور بقارورة طيب كان يتخذه لنفسه حادّ الرائحة, غريب النوع, فدفعه إليه وقال له: تطيّب من هذا الطيب, فإنه يذهب همّك. فلما خرج الرجل من عند المنصور قال لأربعة من ثقاته: ليقعد على كل باب من أبواب المدينة واحد منكم, فمن مرّ بكم فشممتم منه رائحة هذا الطيب فليأتني به. وخرج الرجل بالطيب, فدفعه الى امرأته وقال لها: وهبه لي أمير المؤمنين. فلمّا شمّته بعثت إلى رجل كانت تحبّه, وقد كانت دفعت المال إليه, فقالت له: تطيّب من هذا الطيب, فإن أمير المؤمنين وهبه لزوجي. فتطيّب منه الرجل ومرّ مجتازا ببعض أبواب المدينة, فشمّ الموكل بالباب رائحة الطيب منه, فأخذه فأتى به المنصور, فقال له المنصور: من أين استفدت هذا الطيب فإن رائحته غريبة معجبة؟ قال: اشتريته. قال: أخبرنا ممن اشتريته؟! فتلجلج الرجل وخلط كلامه. فدعا المنصور صاحب شرطته, فقال له: خذ هذا الرجل إليك, فإن أحضر كذا وكذا من الدنانير فخلّه يذهب حيث شاء, وإن امتنع فاضربه ألف سوط من غير مؤامرة. فلما خرج من عنده دعا صاحب شرطته, فقال: هوّل عليه وجرّده ولا تقدمن بضربه حتى تؤامرني. فخرج صاحب شرطته, فلمّا جرّده وسجنه أذعن بردّ الدنانير وأحضرها بهيئتها, فأعلم المنصور بذلك, فدعا صاحب الدنانير فقال له: رأيتك إن رددت عليك الدنانير بهيئتها أتحكمني في امرأتك؟ قال: نعم. قال: فهذه دنانيرك, وقد طلقت المرأة عليك. وخبّره خبرها. المستفاد من هذه الحكاية: - من الصفات اللازمة في الحاكم أن يتمتع بالفطنة. - اهتمام الحكام في هذه العصور بأمور الرعية فها هو الخليفة يساعد رجل في استرداد ماله ويطلق عليه امرأة تعشق غيره. - اهتمام أهل هذا الزمن بالتجارة (أقصد قطاع العامة) ولا يخفى ما فيها من الرزق. - اهتمام بالطيب وهو سنة عن الرسول حتى أن هذه المرأة أهدت عشيقها من طيب الخليفة تؤثره به. - ثقة العامة في عدل الحكام فلو لم يكن هناك إحساس بذلك لأخفى الرجل قصته الحقيقية عن الخليفة وادعى الفقر مثلا بدلا من أن يدعي أن له مالا خشية أن يأخذه الحاكم منه.
أحبائي في تاريخنا الإسلامي دائما ما يستفاد منه وعلينا دائما أن نبحث عما يفيدنا. أرجو أن يعيننا الله جميعا على استلهام العبر من أفضل تاريخ عاشه بشر أبو نور محمد عبد الله | |
|