راكان المجالي يكتب لسرايا: الخيار الاردني في الوثائق البريطانية 1980

راكان المجالي يكتب لسرايا: الخيار الاردني في الوثائق البريطانية 1980

2011-01-07 12:55:10


تعديل حجم الخط:

مع نهاية العام المنصرم، أفرجت الحكومة البريطانية عن وثائق عمرها 30 عاماً تلقي الضوء على الاتصالات والتحركات واللف والدوران الأميركي الأوروبي في حلقة مفرغة فيما يخص التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وكما هو الحال اليوم وكما كان قبل 30 عاماً وما قبل ذلك ابتداءً من صدور القرار 242 لمجلس الأمن الدولي في في العام 1967 إلى الطبعة الجديدة من التسوية حالياً تحت عنوان "حل الدولتين" وهو مقترح أميركي تتحمس له أوروبا أيضاً، منذ 43 عاماً وحتى اليوم تواصل صب الماء في الإناء، وتكريس ذلك بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد المصرية الإسرائيلية في العام 1979 والتي تؤكد أوراق الخارجية البريطانية بأن شامير كان صريحاً مع السفراء والمبعوثين الغربيين آنذاكن بأن إسرائيل لا تريد أكثر مما تحقق لها عبر كامب ديفيد 1979 بإخراج مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.

وفي برقية للسفير البريطاني بعد مقابلته لشامير يقول السفر أن شامير قال له: (لا يمكننا أننقدم أكثر مما قدمنا، لقد وصلنا إلى الخط الأحمر التقدم إلى ما بعد ذلك سيهدد وجودنا وما يطالب به المصريون هو حدود 1967 والدولة الفلسطينية وهذا لا يمكن أن نقبله).

والمؤكد أن أميركا وبريطانيا رغم كل التظاهر بالاختلاف مع إسرائيل إلا أن السياسات العملية لهما ولأوروبا الغربية هي الانخراط كلياً بالمشروع العدائي العنصري الصهيوني ابتداءً وانتهاءً والانجرار وراء الإرهاب الإسرائيلي الذي في روثه الاحتلال والاندفاع بذلك بقلوب صماء وعيون مغمضة.

وحسب الوثائق البريطانية فإن أي كلام في مناقشة الجوانب التفصيلية كان فقط لكسب الوقت ومن باب التظاهر لتوفير مسكنات للعرب وتحذيرهم وغوايتهم بالاستمرار بالجري وراء سراب الحلول ومتاهات التسوية.

وبالتأكيد فإن كل تظاهر دعائي أو اتصالات ومباحثات نظرية تجريدية كانت ولا زالت تجري بين أميركا وبريطانيا كانت كلها للاستهلال ومن ذلك ما يتعلق بالأردن وما أوردته الوثائق من اقتراح طرحه هنري كيسنجر يومها على مارغريت تاتشر وهو أن يتم تسليم الضفة الغربية وغزة للأردن مشيراً إلى أن ذلك هو الأسلم لأن القضية الفلسطينية ستتحول ساعتها إلى خلافات عربية عربية وليست خلافات عربية إسرائيلية، وقد أيدت تاتشر ذلك وإن كانت أبدت تخوفها من أن يكون لذلك تأثير على النظام الأردني يومها، لكنها أخبرت كيسنجر أنها بحثت هذا الأمر مع الملك حسين الذي وافق عليه على أساس عودة كل الأراضي المحتلة في العام 1971 كاملة وفق حدود 4 حزيران 1967.

ما لم تقله الوثائق هو أن الملك حسين وافق على الأمر بشرط محدد وهو أنه لا يقبل أن تكون عودة الأراضي الفلسطينية موضع بحث، وهو يكرر بذلك رده على طلب إدارة كارتر في العام 1979 بعد كامب ديفيد للمشاركة في حل يعيد له الضفة الغربية، ويومها وجه الملك حسين رسالة مشهورة لكارتر تضمن 20 سؤالاً محدداً ودقيقاً تنصب كلها على نقطة واحدة وهي الإلتزام مقدماً وبشكل كامل بعودة الأرض التي لا يمكن أن يقبل أن تكون عودتها موضع بحث أو تفاوض أو أية مساومة وبعدها لتطلب إسرائيل كل ما تريد بشأن شرعيتها ووجودها وأمنها وذلك ما سنلتزم به. لكن الحقيقة هي أن إسرائيل لم ولن تقبل لا في الأمس ولا اليوم ولا في الغد إعادة أي شبر من أرض فلسطين وهي اليوم أكثر مما مضى تعنتاً وثقة بتسخيرها لأميركا وبريطانيا والغرب لاستكمال مشروعها بتهويد فلسطين، وهي اليوم أيضاً أكثر اطمئناناً بعد أن خرج العرب خارج موازين القوة في المنطقة وبعد أن أقروا جميعاً بلا مقابل بشرعية إسرائيل ووجودها وحماية أمنها وكل ما يدفعها إلى مزيد من التعصب والتطرف والاندفاع في مشروعها الإجرامي بحق فلسطين حتى نهاياته!!.