-- ونحن في ديار الغربة نؤدي رسالة التعليم المقدسة , دعاني احد الزملاء المدرسيين من دولة شقيقة, لاشاهد مقطع فيديو لممارسة معلمة اردنية اقسى اساليب التعذيب مع احد تلاميذها في الصف الاول الابتدائي, وزميلتها تصور هذا المشهد المشين, من باب اللهو التسلية بمقدرات الناس , وذلك على الوكالة الاخبارية " المدينة نيوز" وبدأت احدق مليا بمقاطع الفيديو, وازداد بؤبؤ عيني اتساعا عندما طلبت المعلمة من الطالب كتابة عدد من الارقام , ويا للهول كيف تحل المصيبة بالطفل عندما لا تسعفه الذاكرة بتذكر رقم "سبعة " فتصرخ بوجهه لدرجة ان صرختها افجعت المشاهدين , ناهيك عن احضار العصا وبدأت تدفع الطفل بها وتهدده قائلة " والله لاقطعك" وبصوت مرتفع خالي من الانسانية " افتح ايدك " وينهار الطفل المسكين , وتنهمر الدموع من عينيه البريئتين, ويبدا بالرجاء والتوسل , قائلا " الله اخليكي الله يستر عليك " ولم يرق لها قلب وتتمادى بالجريمة , وتتدخل زميلتها لتعطي الطفل فرصة كتابة الرقم " تسعة" ومن شدة الخوف لم يفلح, وتنطلق صرختين مدويتين من المعلمتين معا " هاي تسعة هاي تسعة" افتح ايدك" وينهار الطفل مرة اخرى ويبدأ بالتوسل من جديد, ويستمر المسلسل وينتهي الشريط , واجزم قائلا ان الملايين ممن شاهدوا هذا المشهد بكوا بكاء عميقا, وبنفس اللحظة لعنوا هاتين المعلمتين اللتان لا تستحقان هذا الاسم المقدس , ولا تستحقان ان تحملان رسالة الانبياء رسالة التعليم الشريفة. رفعت رأسي , وحتى اخرج من المأزق قلت لزميلي , هذه مريضة نفسيا كما سمعت, فلو سمعتني لفعلت بي كما فعلت بطالبها , وربما تكون اقل كلمة تسمعني اياها " انت المريض نفسيا مش انا ". السؤال الذي يطرح نفسه , والذي يحتاج الى اجابة من هذه المرأة المستهترة , الظالمة المجرمة , ماذا تتوقع ان تكون مخرجات التعليم عندها في المستقبل؟ وماذا تتوقع من هذا الطفل مستقبلا؟ هل سيكون قويا تتوفر لديه الجرأة ؟ هل سيستطيع ان يفتح عيناه طوال حياته بأحد زملائه الذين شاهدوا هذا التصرف المشين ؟ هل رسالة الاسلام السمحة تطلب من معلمينا الافاضل , اخراج جيل خانع ذليل ,لا يقوى على الدفاع عن ابسط حقوقه ؟ متى سيكون طالبنا مواكبا لروح العصر , ومستخدما وسائل التكنلوجيا التي اجتاحت العالم من حولنا ؟ متى وكيف وما ومن واين وغير ذلك من تساؤلات نود من مربية الاجيال المزعومة الاجابة عليها. رحم الله زمانا كنا فيه مدرسين في ثمانينات القرن الماضي, واقسم جازما وطلابي يشهدون بذلك , انني لم اميزهم عن ابنائي, استخدمت معهم كافة الوسائل التي تحبب الطفل بالمدرسة والمعلم, اطلقت لهم العنان في التعبير عما يجول بخاطرهم , ضمن ضوابط الادب والاحترام , غرست فيهم سلوكات ايجابية ترافقهم حتى الآن " كما ذكر لي بعضهم", فهاهم منتشرون في كل موقع من مواقع المسؤولية , اذا صادفني احدهم اخذني بالاحضان, وها هو العمر يتقدم بنا ولا ارجوا الا ان يوفقهم الله ويصلني دعائهم لانني بحاجة الى دعاء من ربينه واحسنت تربيته . وما شاهدناه من تصرف سلبي من هذه المرأة التي لاتجاوزني نفسي, ان اطلق عليها اسم مربية, يجعلنا نشعر بخيبة امل أمام مستقبل ابنائنا , اذا لم نجد حلا سريعا لمثل هذه الممارسات المشينة , ورحم الله الامام الشافعي عندما قال :- نعيب زماننا والعيب فينا -------------وما لزماننا عيب سوانا ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب----------ولو نطق الزمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب----------ويأكل بعضنا بعضا غيابا اقول لهذه المرأة أنه سيأتي اليوم الذي ستبكين فيه على خطيئتك , وعلى تجاهلك وانتزاعك لذرات الحنان والامومة التى حباك الله اياه وافسدتيها , واعلمي ان عليك ان تبحثي عن ضميرك بين اكوام الجبروت , والجهل والتخلف, ان كان ما زال حيا وان اشك بذلك . ارجو ان تعلمي ان التمتمات واهتزازات الخوف التي كنتي تضحكين عليها عندما كانت تصدر بطريقة عفوية من شفاه هذا الطفل المرعوب, لها دلالات ومعاني , فقد كان لسان حاله يقول " يا رب سألتك بإسم الرحيم , ان تنقذني من جبروت هذه الطاغية وزميلتها المتفرجة الظالمة" وكان بوده ان يذكر مربيات الاجيال بقول الشاعر لا تظلمن اذا ما كنت مقتدرا -------- فالظلم آخره يفيض الى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبهه---------يدعو عليك وعين الله لم تنم ويذكرني القول بقصة سيدنا يوسف عندما لحق به الظلم والعذاب من اخوته, وبكى والده حتى ابتلت لحيته , فنزل قول الله تعالى" قل انما اشكو بثي وحزني الى الله" صدق الله العظيم . وفي النهاية نشكوا امرنا الى الله, وارجوا ان يفهم الجميع , ان هذا التصرف لا يقاس على بقية المعلمين المخلصين الاوفياء, فهذا تصرف فردي , يحاسب عليه فاعله , فالحق جل وعلى قال " ولا تزروا وازرة وزر اخرى" صدق الله العظيم أ-منير الشويطر –جامعة تبوك - السعودية |