فضائيات: لواقط عملاقة في دابوق …نسخة أردنية من ” توم كروز” في التلفزيون !!تاريخ النشر: 28-9-2010
#
بسام البدارين حتى الأطباق التي يستخدمونها لإلتقاط المحطات الفضائية في دابوق لا يمكن مشاهدتها في أي مكان آخر في عمان.. عملاقة وغالبا ما يجلس الصحن اللاقط كالأم وسط أطفالها .. والأطفال هنا عبارة عن عدة صحون لاقطة أصغر حجما لكن أصغرها يعتبر بمثابة {الجدة} للصحن المتاح في بيتي او بيوت جميع أصدقائي.
.. هل يوجد في العالم أصلا 5200 محطة فضائية؟.. وهل يوجد صحن لاقط في الكون يمكنه إلتقاط هذه المحطات؟.. السؤال المحير أكثر لماذا يحتاج سياسي أردني نجح بالتزوير في الإنتخابات لصحن لاقط عملاق يمكن حاشيته من مشاهدة فضائية غواتيمالا؟… هل المسألة متصلة بسعة ثقافة؟.. يعني صاحبنا يريد ان يعرف ما الذي يجري في غواتيمالا مثلا على الحدود مع المكسيك حتى يتمكن من رعاية المصالح الأردنية في تلك الجغرافيا؟.
.. فضائيات دابوق {حدوتة} بحد ذاتها على رأي أخواننا المصريين .. وهي لمن لا يعرفها تلك الضاحية المتميزة ببعض الروابي والهضبات الصغيرة غربي العاصمة عمان والتي يتنافس للإقامة فيها أباطرة المال والسياسة وجنرالات الحكم وتستحكم فيها أساطير النخبة التي تقود شعبا مرهقا جدا في دولة يقول التقرير الأخير للأمم المتحدة أنها {متباينة} فيما يتعلق بإستراتيجية مكافحة الفقر.
دابوق ضاحية صغيرة نجحت في إسقاط ضاحية عبدون الراقبة من كل الحسابات فأصبحت الثانية تبدو {مراهقة} في الفخامة قياسا بالأولى .. ودابوق هي نفسها التي خيضت معارك سياسية وتشريعية من أجلها قبل ثلاثة أعوام تحت عنوان {بيع الدولة الأردنية لعقاراتها}.
طبيب جراح أردني شهير حدثني قائلا: أشتريت في دابوق أربع دونمات من الأرض قبل ربع قرن بسعر لا يتجاوز 20 الف دولارا للدونم الواحد.. السعر الأن يتجاوز بقلبل المليون دولارا للدونم الواحد.
رغم ذلك تجد دابوق من {ينتحر} من سياسيي عمان ورموزها وقططها السمان لشراء قطعة أرض حتي يقيم عليها صرحا عملاقا أشبه بقبور الفراعنة او إقامات الإباطرة .. كل ذلك يحصل في بلد فقير كالأردن ,والغريب ان دابوق التي كانت تسكنها الضباع خرجت من أحشاء عمان المدينة لكنها لا تشبهها إطلاقا ولا في أي شيء.
المنازل هناك أصبحت كالمولات .. دائما عملاقة وفيها مساحات فارغة وشجر مستورد وأضواء لا تنعم بها القرى الأردنية وشوارع مغرقة جدا بالنظافة.. فهمت الأن لماذا كانت أول عبارة لرئيس بلدية عمان الجديد عمر المعاني بعد تعيينه على شكل سؤال إستنكاري عندما زار حيا إسمه جبل النظيف لا يحمل من إسمه أي نصيب.. يومها قال الرجل: معقول كل هذه القمامة في جيال عمان؟.. طبيعي ان يستنكر العمدة فهو يقيم بدابوق التي لا ترصد في شوارعها حتى أعقاب سجائر.
.. نعود لموضوعنا.. أزعم ان اللواقط العملاقة في دابوق لا تهدف فقط لإلتقاط عدد أكبر من المحطات بل لإلتقاط ما تيسر أيضا من أرزاق وأنفاس وأحيانا أرواح الأردنيين فكل قطط الأراضي والعقارات والأسهم السمان لم يقترب منهم أحد بعد وضجيج مكافحة الفساد المسيطر على إيقاع فضائية الحكومة لم ينتهي بعد برؤية أي شخصية بارزة خلف القضبان- إلا واحدة بطبيعة الحال-.
وعلى ذكر فضائية الحكومة اليتيمة تحفل المواقع الإلكترونية في عمان بالرسائل والمذكرات والأسافين التي تستهدف المشاغبة على إدارة مؤسسة التلفزيون بعدما قررت الأخيرة التخلص من جزء من {الحمولة الزائدة} في المؤسسة في واحدة من المهام التي توصف بانها مستحيلة منذ سنوات وتحتاج على الأقل للنجم توم كروز الذي شاهدنا أفلامه حول المهمة المستحيلة عشرات المرات على فضائيات العالم العربي .
توم كروز بنسخته الأردنية يحاول تحقيق ما عجزت عنه طوال عقود حكومات بأكملها وهو حصريا توفير كادر {رشيق} ومهني لإدارة شاشة الحكومة لا علاقة له بحسابات العشائر التوظيفية وكوتات المصالح الإنتخابية حيث يعمل في مؤسسة يمكن ان يديرها مئة شخص مهني فقط أكثر من 1600 موظفا غالبيتهم لا يفعلون شيئا وبعضهم أصبح هدفا لخطط الترشيق في مؤسسات الإعلام الرسمي.
المهمة المستحيلة كانت تتمثل في إقناع المئات من الموظفين بالعمل في مكان آخر او الإستغناء عن العشرات منهم وجميع الموظفين يعتقدون بان بقائهم في كادر الشاشة اليتيمة في البلاد واجب وطني وهم بكل الأحوال ضحايا لرؤساء الحكومات في السابق الذين وزعوا الوظائف لإعتبارات مصلحية على مدار سنوات فأسسوا للمئات مصالح معيشة تهددها الأن المهمة المستحيلة.
أنا شخصيا سمعت رئيس الوزراء سمير الرفاعي يقول: كل موظف مهني او تقني في جامعات القطاع العام يعمل حوله ثمانية موظفين آخرين لا لزوم لهم .. الرجل أضاف: هل هذا معقول؟… طبعا الحكومة تقول ان الحمولة في مؤسسة التلفزيون زائدة جدا ولا بد من معالجة الأمر.
—————————–
رصاصة بشلن من الزرقاء
—————————-
لكن من يتحدث عن هذا الموضوع لابد له من تذكر الحادثة الشهيرة .. نارت بوران وهو شاب متخصص في عالم التلفزيون إختارته مرة إحدى الحكومات رئيسا لمؤسسة التلفزيون.. درس الرجل الأمر بإهتمام وإكتشف ببساطة ان المشكلة الأولى تتمثل في الحمولة الزائدة التي تعيق العمل وتربكه فإجتمع برئيس الوزراء أنذاك وطلب منه الضوء الأخضر لإعادة ترسيم الهيكل والكادر بما يتطلب الإستغناء عن 300 موظفا في الجولة الأولى.
وافق رئيس الحكومة ومنح بوران الضوء الأخضر وفي اليوم التالي قيلت عبارة على لسان أحد الموظفين المهددين حيث قاطع المدير العام الجديد وتردد صدى هذه العبارة في مواقع القرار الأولى وفي البرلمان .. كانت العبارة كالتالي: {إسمع يا أخونا .. ترى رأسمالك شلن من الزرقاء}.
العبارة بطبيعة الحال مفهومة لكل أردني فالشلن هو خمسة قروش وهي سعر الرصاصة التي تباع في السوق السوداء في مدينة الزرقاء.. بعد أيام فهم بوران الطابق ونفد بريشه وغادر البلاد حفاظا على رأسه.
—————
كلفة المشاهدة
————–
وعلى ذكر الأرقام والأسعار أرسل مواطن أردني رسالة طريفة جدا عن الفضائيات وتلفزيون الحكومة لعدة مواقع إلكترونية إستعرض فيها حوارا مقنعا دار بينه وبين ولده.
الأب مصر على مشاهدة نشرة الأخبار {المملة حسب الإين} على تلفزيون الحكومة والإبن يريد الإنتقال لمشاهدة مسابقات رمضان على الفضائيات العربية وبعد حوار بين الرجلين قدم الإبن للأب معادلة رياضية رقمية مثيرة وقال: بابا ركبنا الدش ب 200 دينار أردني ونستطيع بهذا المبلغ مشاهدة 500 محطة عالمية وعربية مدى الحياة مما يعني ان الكلفة السنوية نظير ذلك هي 40 قرش ندفعها سنويا لكي نتمكن من مشاهدة 500 محطة عالمية.
أضاف الإبن: ندفع على فاتورة الكهرباء شهريا دينارا واحدا بدل رسم تلفزيون الحكومة وبمعدل 12 دينارا سنويا ولا نشاهد شيئا حقيقيا فإيهما أوفر علينا مشاهدة 500 محطة ب40 قرش سنويا لخمسين عاما على الأقل أم نشرة أخبار مضجرة ب12 دينارا سنويا؟.{عن القدس العربي}