بيت في دابوق * ماهـر ابو طـير - صحيفة الدستور

الساحات نقلا عن صحيفة الدستور- صليت الجمعة ، في مسجد صغير ، من مساجد منطقة دابوق المصنفة بأنها الاثرى في عمان الغربية ، وهالني ما سمعته ، في صلاة الجمعة ، حتى تأكدت ان بعض مصيبتنا ، هي في من يعتلي منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ الجليل ، بدأ يتحدث عن الفقراء والاغنياء ، وكل كلامه جميل ومقبول ، لكنه كان يشطح خلال الخطبة الى مدارات شخصية ، وكأن المقصود هو اسقاط ارائه الشخصية ، على الاحكام الشرعية وحياتنا ، في الوقت الذي يستمع فيه المصلون ، ولا يناقشه احد ، لا في الخطبة ولا بعد الصلاة ، باعتبار ان مناقشة الشيخ ، فيها اثم والعياذ بالله ، وحين كان يتحدث عن الاغنياء قال .

"كل همكم في هذه الدنيا ، ان يكون لكم بيت في دابوق ، بينما يجب ان تطمحون الى بيت في الجنة".

ويضيف.

"انتم تمضون ليلكم على الانترنت ، انتم تهتمون بأخبار الفنانين والفنانات ، العاهرين والعاهرات".

يقول هذا الكلام بالمناسبة ، وهو يخطب على السماعة الخارجية ، فيسمعه كل من في البيوت ، من كبار وصغار ، ورجال ونساء.

ثم يقول في مقطع اخر.

"الفقراء يدخلون الجنة قبل الاغنياء بنصف عام اي خمسمائة عام مما نعد".

كلام الشيخ الذي يحمل كل هذه السوداوية والطبقية ، كلام مؤسف حقا ، ولو كان الشيخ ذاته ، قادرا على شراء بيت في دابوق ، لاشتراه ، ولقال لنا عندها.

"ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده".

ولقال ايضا.

"واما بنعمة ربك فحدث".

وواقع الحال ان الشيخ يسيء الى كل ميسور وثري ، والى من يسكن دابوق على سبيل المثال ، برغم ان لااحد من حقه ان يتهم انسانا في سمعته وماله ، دون دليل ، ومن حق كل انسان ان يشتري بماله الحلال بيتا في اي مكان في الدنيا ، ولا يفسر لنا الشيخ كيف يعتقد ان طموح الانسان بشراء بيت في اي مكان ، قد يخالف نزعته لارضاء الله ، او لدخول الجنة ، وكأن الانسان عليه ان يختار اما دنيا واما اخرة ، وينسى الشيخ ان الله خلقه وخلقنا من اجل اعمار الدنيا ، لاالجلوس على حافة الطريق ، بمظهر رث ، من اجل ادعاء الزهد ، وطلب الاخرة ، ولا يعرف الشيخ ايضا ، ان كثير من اصحاب البيوت في دابوق وغيرها ، من مناطق ميسورة ، لديهم عمل خيري مخفي ، اضعاف اضعاف ما يظن ويعتقد ، باعتباره يتطلع فقط الى صورة الناس ومظاهرهم ، بدلا من اعمالهم التي هي بينهم وبين الله ، وينسى شيخنا الجليل ان دخول الجنة امر بيد الله ، والفقراء الذي يدخلون الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام ، هم الفقراء الى الله ، وليسوا فقراء المال ، فما نفع الفقير العاصي ، امام الغني المتطوع والمتبرع والذي عنده خير لله.

مشاعر الرجل الطبقية ، وتفسيراته الطبقية ايضا ، لا تستقيم مع نماذج اسلامية كعثمان بن عفان الذي تبرع بكل ماله ، في عام الرمادة للمسلمين ، فماذا كان سيفيد المسلمين لحظتها لو كان سيدنا عثمان بلا مال ، ثم ان الشيخ وهو انموذج لخطباء اليوم ، يستخدم منبر رسول الله لاطلاق الفاظ بذيئة عبر المنبر وعبر السماعة الخارجية ، لتكون الكارثة حقا ، انه يظن انه بمجرد صعود المنبر ، يصبح هو قائد المسجد ، يقول مايريد ويفعل مايريد ، وهي قصة لاتنتهي في عالمنا ، جراء اختيار نوعيات معينة من الخطباء تشطح مثلما تريد ووفقا لرؤيتها الاجتماعية للحياة ، التي يتم البحث عن مسوغات شرعية لتسويقها بأعتبارها رأي الشرع.

يهزأ الخطيب بالذين يسبحون بسرعة ، وكأنه وكيل الله على الارض ، ويقرر مسبقا ، اذا ماكان الله سيقبل التسبيح ام لا ، ويقول .

"لا تسبحوا بسرعة بعد كل صلاة ، بعضكم يسبح هكذا .

بسبس بسبس بسبس".

كدليل على سرعة التسبيح قائلا.

"مثل هؤلاء الافضل لهم ان لا يسبحوا".

وحين اسمع هذا الكلام ، اعض شفتي قهرا ، من هكذا رجل ينصب نفسه حكما بين الله والناس ، ويقرر مسبقا ان هذا التسبيح غير مقبول ، وان "البسبسة" غير مقبولة ، حتى كدت ان اقول له خلال الخطبة.

بأنه ما ادراه بقلوب الناس ، ومااعرفه بقبول الله من عدم قبوله ، وحين اروي كل هذه القصص ، فلا اقصد الخطيب بحد ذاته ، لكنني اقصد المبدأ ودور هكذا خطباء في تسفيه الناس ، في دنياهم واخرتهم ، بذريعة ان الخطيب"اكمل العلم"وستفتح له الجنة اولا.

اللهم ارزقني بيتين ، واحد في الجنة ، واخر في دابوق ، ولا تؤاخذنا بما قال السفهاء منا ، وارحم كل فقير منا ، بغني يؤدي حقك اليه.