الاردن: هل انتهى العصر الذهبي المزدوج؟

اقتباس :

يقول (ابن خلدون) في مقدمته إن الدولة تقوم اساساً على العصبية (القاعدة الشعبية) لكنها حين تستقر وتبسط سلطانها، تجنح لللاستغناء عن عصبيتها، وتلجأ لاصطناع نخبة جديدة، توكل لها المناصب العليا والمراكز المهمة، ويحذر( ابن خلدون) من خطورة هذه المرحلة، لا بل انه يعتبرها مرضاً قد لا تشفى منه الدولة ابدا.
ولا نعرف نحن فيما اذا كانت الدولة الاردنية، قد مرت بهذه المرحلة الخطيرة ،لكننا نعرف انها اجتازت لتوها بصعوبة بالغة، مرحلة سميت (العصر الذهبي) نسبة الى اسم عائلة رئيس الحكومة السابق نادر الذهبي،الذي كانت قد نالت حكومته ثقة شبه اجماعية من البرلمان المنحل، الذي لا نستطيع ان نؤكد بانه كان برلماناً مزوراً، كما يقول كثيرون، وقد شارك في رسم الصورة الذهبية لحكومة الذهبي السابقة استطلاعات رأي ومقالات كثيرة في الصحف ، لسنا متأكدين ايضاً من حياديتها.ونحن لا نعرف كذلك فيما اذا كانت تلك المرحلة الذهبية من تاريخ الاردن، قد كانت فعلا مرحلة ذهبية أم بالعكس ، لكننا نعرف ان اللواء المتقاعد نادر الذهبي لم يقعد في بيته منذ احالته الى التقاعد ابداً ، بل اسندت له المناصب العليا في الدولة منصباً اثر منصب حتى اصبح رئيسا للوزراء، ولا نعرف فيما اذا عُيّن في كل تلك المناصب، بقدرة قادر، ام بالواسطة، ام حرصا من الدولة على الاستفادة من خبراته وقدراته، ولا نعلم ايضاً فيما اذا كانت النجاحات التي حققها في مناصبه المتلاحقة هي التي جاءت به رئيسا للوزراء، أم ان الذي جاء به هو شقيقه الاصغر(الجنرال محمد الذهبي) الذي كان يترأس جهاز المخابرات.
المهم ، انه في عام 2007( تصادف) وجود الشقيقين ( نادر ومحمد) في آن واحد ، في اعلى منصبين في البلاد، الاول رئيسا للوزراء وهو اعلى منصب على الاطلاق من الناحية النظرية ، والثاني مديراً للمخابرات وهو اعلى منصب على الاطلاق من الناحية الفعلية، وهكذا تآخى المنصبان فتداخل النظري مع العملي وامتزج السياسي بالامني واختلطت الامور بالامور، فشهد الاردنيون( عصرهم الذهبي المزدوج ) الذي باشربتنفيذ مهماته بصورة مستعجلة، فسقط الضحايا بالجملة غير مأسوف عليهم ابدا! وبقوة الاستعجال نفسها تكاثرت الاخطاء الذهبية، وتفاقمت وتزايدت حدتها و خطورتها حتى بلغت ذروتها، فأقيل الشقيق الذهبي الاصغر(محمد) من منصبه الحساس بصورة مباغتة، ثم أقيل الشقيق الاكبر(نادر) بصورة توقعها الجميع، وفي المسافة بين الإقالتين، انكشفت الحكومة الذهبية وظهرت بدون مظلتها الامنية، وعبثاً حاول دولة الرئيس ان يتخلص من عبء ظلال ثقيلة ويمدد عمرحكومته ، لكن الامر كان قد قضي قبل ذلك بقليل.
خرج( نادر) من الحكم بشكل غير مفاجىء، ولم يثر حوله الكثير من الجدل، اما( محمد ) الذي اشتم رائحة السلطة منذ الصغر، ثم جرب طعمها اللذيذ بكلتا يديه، فلا تزال الناس تروي طرائفه سواء وهو في الحكم او بعد طرده، كشاب متسرع بدت السلطة المحشوة بين يديه في لحظة ما من التاريخ الاردني الحديث، أكبر وأخطر من كل مايمكن ان يقال عن قدراته الحقيقية او المتوهمة. ففي لحظه ذروته الذهبية تمادى محمد الذهبي واستعلى واستبد، وربما نسي في أوج نشوته، اسم البلاد التي يحكم فيها، وأسماء ساكنيها، وأسماء ايامها ولياليها، التي يجب ان يحفظها عن ظهر قلب كل من يريد ان يتنطع لحكم هذا الشعب العربي الاردني الواضح الملامح والتفاصيل.
لكن الجنرال الذهبي أخذه هوى السلطة التي ارتمت بين يديه عارية بكل مفاتنها المغرية، فسال كل لعابه مرة واحدة، واتسع نهمه وطمعه، فلم يعد مكتفيا بالجمع بين رئاسة المخابرات ورئاسة الحكومة في وقت واحد، بل تجاوز بجهله جميع الحدود، وراح يفرض سلطته وسيطرته على كل شيء في بلاد لم يزل اهلها أعرف الناس بالسراب، بحكم طبيعة تضاريسها ، وبدا محمد الذهبي في ايام حكمه المتسارعة كأنه يستوحي بلا وعي منه، تجربة أجهزة المخابرات الشمولية في دول الكتلة الشرقية المنهارة، التي كانت تقوم نظريتها الامنية الفاشلة، على اساس القمع الشامل، و تحويل كل الناس الى مخبرين، كضمانة مثلى لاستقرار الحكم في دولها، وهكذا شهدت البلاد الاردنية في سنيوات العصر الذهبي ، اوسع تدخل امني أبله في كل شؤون الحياة، حتى ضحك الاردنيون وهم قليلاً ما يضحكون!
لا يملك محمد الذهبي اي شيء على الاطلاق من مؤهلات الطاغية، لكنه احب ان يمارس دور الطاغية، تدفعه الى ذلك سيكولوجية شاب اقترب جدا من وهج السلطة ، واستغل لحظة فراغ غابت فيها كل معاييرالمنافسة الصحيحة العادلة، في بلد اصبح يفتخر بعض المتنورين فيه، بأنه الاقل سوءاً في محيط سيء، او انه الاقل تخلفاً في العالم الثالث، ولا يعلم هؤلاء المتنورين، ان المفاضلة عندنا لم تكن في يوم من الايام، بين ما هو سيء و بين ماهو اقل سوءاً، بل كانت على الدوام بين ماهو صحيح وبين ماهو خطأ، وإلا ماكان كل ذلك التعب والكفاح ضروريا ابداً.
هكذا صدّق محمد الذهبي نفسه، وهكذا طغى، وهكذا قاد نفسه بنفسه الى نهايته السريعة المباغتة، ففقد منصبه الحساس بقوة اخطائه وخطاياه، قبل اية قوة اخرى، فبدا بعد فطمه عن السلطة غير مصدق لما حدث، وكأنه لم يحفظ يوماً في مدارسنا قول قائل: هي الايام كما شاهدتها دولٌ من سرّه زمن ساءته ازمان! ومن هول المباغتة راح (الجنرال) يهذي على الفور للصحافة الخارجية بتصريحات مثيرة ينتقد فيها سياسة بلاده التي كان يسوّقها قبل قليل، وحين مشى منكسراً وحيداً يين قصريه المتجاورين في دابوق، لم يتوقف الانسان أمام نفسه ليسألها بل راح يسأل الناس، ومن يسأل الناس طبعا يحرموه ، اما من يسأل الله فإن الله يعطيه من فضله .
ولمّا كنا نحن نؤمن بالله والوطن والملك، فإننا نستجيربالله سبحانه وتعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا، ونتضرع اليه جلت قدرته ان يحفظ بلدنا من كل سوء ويقيه شر الاخطار والمحن، وننصح مخلصين ان يقفل باب السلطة بشكل نهائي لا رجعة فيه، في وجوه كل غير القادرين على تحمل المسؤولية، فلم تعد لدينا امكانية في هذا البلد لتوزيع المزيد من المناصب على شكل جوائز وأُعطيات، وربما لن نكون قادرين على سفك مزيد من الدموع او غيرها. فقد ضحى شعبنا بدماء خيرة شبابه في يوم غيربعيد، ليس عبثاً ،وانما مضطراً للمحافظة على وجوده واستقراره وكرامته وعزته وطمأنينة نسائه واطفاله، وشعب هكذا كانت تضحياته حين ازدحمت صالات المغادرين بالمتلاعبين بمصيره، يستحق بجدارة ومن غير منّة، ان توضع مصائره العامة ومصائر ابنائه الشخصية في أيدٍ امينة.. نعم في أيدٍ امينة..
* كاتب من الأردن
almaddan97@yahoo.com

الصادق سابق والصابر لاحق والغافل غارق

سعة الفكر تزيد في الايمان ، وذكر النعم تزيد في المحبة

صفات القلوب في الدنيا ، لباس الاجساد يوم القيامة

من جلب لنفسه الاعذار فقد ظلمها

لا تقطع حبل رجاءك من الله ولو بعمل صالح تعمله

حقيقة التقوى ان لاتعص الله في الخلوه

الرضا راحة للقلب والقناعة راحة للنفس وهما اصل السعادة

في الاخرة عقبة شديدة لايتجاوزها الا المخلصون!

ذا نافسك الناس على الدنيا فاتركها لهم واذا نافسوك على الاخرة فامض معهم

اختر من الاصحاب الاخيار في الدنيا من تود مجاورتهم في الجنة

اول الغيث قطرة ، واول البكاء عبرة،واول السير خطوة

مااخذ من غير حله ، وضع في غير محله

اذا تعسر امر فلا تيأس ، فالمعارك تنجب الاقوياء

ارغب في صغائر الخيرات فانها تعظم عليها الحسرات

قلة مع اتقان خير من كثرة مع نسيان

كل درهم تنفقه في معصية الله فانت بذلك: خائن وجاحد ومسرف

القرب على قدر المحبة ، والاثر على قدر التعظيم

التقوى خير زادك ، وحسن الخلق راس مالك

من علامات المحبة: كثرة ذكر المحبوب

مكانتك عند النبي على قدر مكانته عندك صلى الله عليه واله وسلم

لباس التقوى تقوى القلوب ، وتقوى القلوب تعظيم شعائر الله

اذا رايت عيبا من احد : فاستره واحسن الظن به وانصحه

من رضي بالدون فهو تحت التراب مدفون

من رضي بالغفله لم تنفعه المهله

من فكر بالتوبة قبل الذنب وقع فيه ثم لا يتوب

طلب الارداة قبل تحقيق التوبة غفلة

الاردن: هل انتهى العصر الذهبي المزدوج؟