الشاعر عبدالله اللوزي (أبو قبلان)

الشَّاعر عبدالله اللوزي (أبو قبلان)

كان صعباً عليَّ، في البداية، أن أكتب عن عبدالله اللوزي (أبو قبلان) الشاعر الاجتماعي والسياسي، وشاعر الغزل العذري، والشيخ الجليل ''ووجه'' عشيرته (اللوزيين)، الذي عُرف عنه حبّه لهم، فجمع شملهم، ووحَّد قلوبهم في زمنٍ كانت وحدة العشيرة مصدراً للقوَّة ولاحترام الآخرين. فقد كان ذكيَّاً وغيوراً على عشيرته، فقدَّرته وأحبّته، ورغم صغر سنّه، فقد أصبح شيخ العشيرة بعد وفاة أخيه مفلح وعمره ثلاثة وعشرون عاماً. وأعترف بأنّني في بعض الظروف والحالات الشخصيّة، لا علاقة لها بالآخر، تشتدُّ بي عواطفي وتتمرَّد عليَّ الأفكار والعبارات فلا أقدر على الكتابة، فأشعر بالغضب وبالحزن، فألجأ إلى تأجيل الكتابة إلى حين. أقول هذا الكلام للخروج من هذه الحالة وأنا أحاول التعامل مع مجموعة من الأفكار والخواطر الذهنيّة حول الشاعر عبدالله اللوزي.

كانت أوَّل مرّة سمعت فيها اسم عبدالله اللوزي عن طريق والدي رحمه الله. فقد كان يكثر الحديث عن الشيوخ وكبار القوم وأصحاب الجاه، ومن بين هؤلاء ''أبو قبلان، حيث ذكر والدي أنّه ''نصاه'' من أجل طلب مساعدته ولحل مشكلة وقع فيها. وكان والدي جيِّداً ودقيقاً في وصف الأمور وتفاصيلها، حيث أعطى شرحاً مفصَّلاً لزيارته مضارب اللوزيين (خيامهم) في الجبيهة، والاستقبال الذي قوبل به والكرم الذي لقيه. وروى لي بعضاً من أشعاره في أثناء مجلسه الذي يكون ''عاجَّاً'' بالضيوف ورجال القبيلة.

كان عبدالله اللوزي شاعراً وشيخاً لعشيرة اللوزيين، وكان ميلاده عام 1893م، وزواجه عام 1947م، ورحيله إلى الرفيق الأعلى عام 1976م. وهكذا كان ميلاده قبل قيام الدولة الأردنيّة، وشهد ميلادها، وعاصر ملوكها، فقد كان قريباً من الجدِّ المؤسِّس الملك عبدالله الشاعر والأديب. وكان المغفور له يحاوره في سجال شعري وهذا ما قرأناه في كثيرٍ من أشعاره.

بدأ عبدالله اللوزي قريض الشعر عندما كان في الثانية عشرة من عمره. فقد ذكر بأنَّ ابنة أخيه وكانت تكبره، أهدته خاروفاً، ولكن الخروف انفلت من بين يديه الصغيرتين وهرب صوب البساتين إلى غير رجعة. فقال الهجينية التالية مخاطباً ابنة أخيه (أم الشراري): يا أم الشراري خروفي راح تعاقلوه النواطير

تغشلى الخوخ والتفاح حتى العنب والحواكير

وكان عبدالله اللوزي من جلساء الملك عبدالله في قصر رغدان العامر، وبهذا أثرى ثقافته الشعريّة والأدبيّة. وكان يقول الشعر مرتجلاً وبخاصة في حضرة الملك عبدالله الذي كان يدعوه للحضور إلى قصر المصلَّى في الشونة الجنوبيّة، وكان موكب جلالته يمرّ عبر وادي السلط. وكانت أولى سجالاته مع الملك عبدالله وكان أميراً آنذاك، عندما ''أنشد'' جلالته قصيدة يصف بها فتاة حسناء رآها بين زهور الوادي في الربيع ولكن بعفَّة وكبرياء، فقال:

البارحة بديار القوم واليوم بديار حيَّاني

بالترف يا بوحنك ماشوم لشريه أنا بغالي الأثمان

لشريه وأغليه أنا بالسو وإن كان بيه ما يطحاني

فقد كان جلالته بالأمس في بريطانيا وها هو اليوم بأرض أهله ولن يفرط بالفتاة وحتى لو دفع ثمناً غالياً لها مهما كان وإن حاولوا منعه.

فيرد أبو قبلان: يا بنت يا لابسه الجبّه. يلِّي كما عين صيادِ.

القلب والنار تلهب به. يطرق كما كور حدَّادِ.

حتى القمر عذبه ربه. يركض ورا الشمس وينادي.

قبلان قوم أطلبه حبّه. هذا هوى النفس ومرادِ.

فقال له الأمير: ذكَّرتني بشعر عمر بن أبي ربيعة، لا بل زدت عليه عندما جعلت القمر عاشقاً والشمس معشوقة.

وقد كان الأمير عبدالله معجباً بصيف الجبيهة ومحبَّاً لها، وبخاصة عندما كان يمرّ بمضارب اللوزيين وبيوت الشعر والخيول العربيّة الأصيلة. وقد ورد أنّه في صيف عام 1939 شرَّف جلالة الملك عبدالله عشيرة اللوزيين بزيارة، وكان وسط كوكبة من الفرسان ويمتطي فرساً أصيلاً، فاستقبله عبدالله اللوزي ورجال عشيرة اللوزيين. فقال جلالته قصيدة منها: يا مهيرتي يا حلو مقناك. ريم نظا وصفها لزوم.

والقذله اللي علي محياك. يلعب بها ريح الحزوم. شبه النداوي تغيضي عداك. صقر على الصيد مرقوم.

عمان رب الملا يرعاك. ديرة عرب دايم الدوم.

فردَّ عبدالله اللوزي بقصيدة منها: دنيت أنا حرة محراك. يا بكرتي مالها سوم.

من الجبيهة القصر ملفاك. عالهاشمي سيد القوم.

نورك ظهر والسعد يبراك. بدر السما فوق الغيوم.

طلال ونايف على يمناك. أشبالك نمور ونجوم.

وذات يوم، امتطى فرسان اللوزيين خيولهم واستعرضوا أمام الأمير في سباق جميل، وفاز حصان أشقر لعبدالله اللوزي، فوجَّه الأمير حديثه لأبي قبلان قائلاً: الأشقر سموم رياح ''هبوب الريح''، فقال عبدالله اللوزي: هذا هدية لمولاي سمو الأمير. فرد الملك عبدالله، لقد قبلته ولكنه يبقى لك. فارتجل عبدالله هذين البيتين: نهديك يا سيدي من الخيل نهديك. يا نسل اللي هدى للخير والنور.

والأشقر اللي حدا الخيل يلفيك. هذي خيولك وامتطي كل مظهور.

وتقول الرواية إنَّ جلالته قال: يا أبو قبلان أنت تجيد الشعر وتجيد تربية الخيول.

وهكذا نجد أنَّ كثيراً من أشعار عبدالله اللوزي تتزامن مع أشعار الأمير، وفي مناسبات عديدة، كانت عشيرة اللوزيين تحظى فيها بزيارات أميرية لمضاربهم في الجبيهة. وقد كان لكل قصيدة مناسبة وحكاية تعكس حب الأمير لشعبه وحب الشعب لأميره، ومن بين هؤلاء عشيرة اللوزيين الذين كانوا وما زالوا على عهدهم وحبهم لأُمراء وملوك الهاشميين، وعلى رأسهم دولة أحمد اللوزي (أبو ناصر) عميدهم وكبيرهم أطال الله عمره ومتَّعه بموفور الصحة والعافية.

د. سليمان عربيّات

فارس يترجّل

يقابل المرء في حياته أنواعا وألوانا من البشر، بعضهم يمرّ مرورا عابرا دون أن يترك أثرا.. وبعضهم يترك أثرا سيئا بما فيه من تنظير وفذلكة وادعاء وغرور.. وقلة منهم تحفر فيك عميقا وتترك لديك أثرا لا ينسى وانطباعا رفيعا، لما انطوت عليه من صفات الرجولة والشهامة والنخوة والإيثار، أو من الذكاء وسعة الأفق وعمق التجربة، وهؤلاء يأسرونك بقوة إرادتهم وسعة قلوبهم، وسماحة نفوسهم، ويسحرونك بقدرتهم على الاضطلاع بالمهمات الجسيمة والأدوار الكبيرة، في خدمة أمتهم وأبناء وطنهم دون تحفظ، فتقف أمامهم عاجزا عن سبر تلك الروح التي منحها الله تلك القدرة على عمل الخير والرضى النفسي عما أنجزت، دون انتظار لثواب من أحد.

والشيخ مفلح اللوزي، رحمه الله، واحد من هذه القلة من الرجال الرجال، الذين تجلّت فيهم كل سمات الشيخ العظيم، بحكمة الرأي، ورزانة المشورة، والسير في حاجات الناس، وإصلاح ذات البين، ومساعدة المحتاجين، وجمع الناس، وعمل الخير، وخدمة الوطن.... بطاقة لا تكلّ.. لقد كان الشيخ مفلح اللوزي نموذجا يحتذى، بخلقه، وسداد رأيه، وشهامته، ونخوته، ومعرفته لأقدار الناس، يفتح باب بيته لكل طارق، ويجير كل ملهوف، ويساعد كل محتاج، ويسير مع كل مرزوء لإصلاح ذات البين، حتى لو كان ذلك في أقاصي الدنيا، دون شكوى أو تذمر، بل تراه يقابلك ببسمته العذبة، ووجهه المتهلل بشرا، ويحيطك بكل اهتمام ورعاية، فتزول عنك رهبة اللقاء، وتحسّ أنه أبوك أو عمك الذي سيحلّ لك كل ما واجهك من مشاكل، مهما كانت صعوبتها.

وما أزال أذكر لقاءنا مع هذا الشيخ المهيب الطيب عندما صدم أحد أقاربنا شابا من معان، ولم يحسن ذووه التعامل مع الأمر، لجهلهم بالعادات العشائرية، مما أغضب عائلة المصاب، فأصرّوا أن تذهب الجاهة إلى معان لتأخذ العطوه هناك، ولم نجد إلا الشيخ مفلح اللوزي لهذه المهمة الصعبة.. وما أن اتصلنا به حتى أبدى استعداده على الفور..وما أزال أذكر ذلك اليوم الصيفي الحار الذي ذهبنا به إلى بيته في الجبيهة لنكون في معيته، وكيف استقبلنا هاشا باشا، وأخذ يمازحنا ويحدّثنا عن دور جدي عقله القطامي في ثورته ضد الفرنسين في جبل العرب.. أحسست كم كان هذا الشيخ عظيما ومدهشا.

خرج معنا بسيارته ومعه ابنه يسوق السيارة، مع أننا أحضرنا له سيارة. وما أزال أذكر موقفه الذي لا يقوى عليه إلا شيخ عظيم ورجل خبيربعد وصولنا إلى مجلس القوم.. كان الجو مشحونا، وكان ذوو المصاب في حالة غضب شديد لأن أهل المتسبّب لم يحسنوا التعامل معهم.. تحدّثوا طويلا، وكانوا في قمة الغضب، إلى حد أنني ظننت أنهم سيرفضون العطوة.. استمع الشيخ مفلح بكل هدوء لشكاواهم، وامتصّ غضبهم، وبعد ذلك قال: يا أهل معان ألا تذكرون حادثة الباص التي ذهب ضحيتها عدد كذا من أبنائكم، ومع ذلك ذهبتم أنتم وأخرجتم السائق من السجن، وهذا أمر لا يقدر عليه الا المعانيون، فأنتم الذين علمتمونا الصفح والقبول بالقضاء والقدر...وواصل كلامه الذي ينمّ عن رجاحة عقل، وذكاء، وفهم بالنفوس، ومعرفة بالعادات والتقاليد، فاذ به يأسر القوم، ليتحوّل غضبهم إلى اعتذار، ودعوة إلى العشاء.

أحسست عندها كأن ذلك الشيخ قاض عريق من قضاة بريطانيا، ذكاء وسعة علم، ورجاحة عقل، وقدرة على الاقناع، فعدنا جميعا ونحن مندهشون لسحر ذلك الشيخ، ومكانته التي لا يمكن لأحد في الأردن أن يتجاوزها.

رحمك الله يا أبا صالح، فقد عشت كبيرا بأعمالك وأياديك البيضاء على أبناء الشعب، وبدورك في بناء الأردن، وها أنت تُواري الثرى، ولكن اسمك وسمعتك يملآن السمع والبصر، فأمثالك لا يموتون، وستظل نبراسا للأجيال القادمة ينهلون منك الخلق والحلم والرزانة والنخوة والشهامة والاخلاص وعمل الخير، ومدرسة يتعلّم فيها الناس التواضع وعمل الخير، وستبقى فخرا للأردن، ولأبناء وطنك وعشيرتك، رحمك الله رحمة دائمة وأدخلك جناته مع الصديقين والخالدين.

المصدر:معتز اللوزي

الصادق سابق والصابر لاحق والغافل غارق

سعة الفكر تزيد في الايمان ، وذكر النعم تزيد في المحبة

صفات القلوب في الدنيا ، لباس الاجساد يوم القيامة

من جلب لنفسه الاعذار فقد ظلمها

لا تقطع حبل رجاءك من الله ولو بعمل صالح تعمله

حقيقة التقوى ان لاتعص الله في الخلوه

الرضا راحة للقلب والقناعة راحة للنفس وهما اصل السعادة

في الاخرة عقبة شديدة لايتجاوزها الا المخلصون!

ذا نافسك الناس على الدنيا فاتركها لهم واذا نافسوك على الاخرة فامض معهم

اختر من الاصحاب الاخيار في الدنيا من تود مجاورتهم في الجنة

اول الغيث قطرة ، واول البكاء عبرة،واول السير خطوة

مااخذ من غير حله ، وضع في غير محله

اذا تعسر امر فلا تيأس ، فالمعارك تنجب الاقوياء

ارغب في صغائر الخيرات فانها تعظم عليها الحسرات

قلة مع اتقان خير من كثرة مع نسيان

كل درهم تنفقه في معصية الله فانت بذلك: خائن وجاحد ومسرف

القرب على قدر المحبة ، والاثر على قدر التعظيم

التقوى خير زادك ، وحسن الخلق راس مالك

من علامات المحبة: كثرة ذكر المحبوب

مكانتك عند النبي على قدر مكانته عندك صلى الله عليه واله وسلم

لباس التقوى تقوى القلوب ، وتقوى القلوب تعظيم شعائر الله

اذا رايت عيبا من احد : فاستره واحسن الظن به وانصحه

من رضي بالدون فهو تحت التراب مدفون

من رضي بالغفله لم تنفعه المهله

من فكر بالتوبة قبل الذنب وقع فيه ثم لا يتوب

طلب الارداة قبل تحقيق التوبة غفلة

الشاعر عبدالله اللوزي (أبو قبلان)