من المعروف لدى العقلاء ـ ومن باب أولى كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام ـ أن الأخبار من الله تعالى جاءت لتنص على أن إبليس من أهل جهنم ، بل قل من حطبها ، وأن هذه الأخبار لا تتعرض للنسخ بإجماع أهل العلم ، بل بإجماع من به عقل ، وإلا لأصبح الخبر كذباً ، وحاشا لله أن يخبرنا أن إبليس من أهل جهنم ، ثم نجده من أهل التوبة .!
وأقول: يا أخوتي ـ على اختلاف مستوياتكم ـ إن جاء إبليسُ إلى أحد منكم ، وقال له: إنني سأتوب ، فهل سينطلي عليه كلام إبليس .؟ فكيف انطلت قصة إبليس (المزعومة) على موسى عليه الصلاة والسلام ، فطمع في توبته .!!!!!
ولماذا يصرّ الجفري على إخفاء مصادر القصص العجيبة التي (يرويها) يروّج لها على الفضائيّات ، وفي المساجد ؟
ألا تكفي هذه القصّة السَّاقطة ، التي يرفُضُها كل مسلم عاقل ، في الكشف عن مخالفات الجفري للقرآن العظيم؟
لقد ادَّعى أنَّ إبليس طَلَبَ من موسى عليه الصلاة والسَّلام أنْ يَشْفَع له عند الله تعالى!
ونسيَ الجفري أنَّ الله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز أنّّ إبليس قال له: {فأنظرني إلى يوم يُبْعَثون} 36 الحجر
ولّعلَّه لم يقرَأ قوله تعالى في سورة النّساء: {إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً (117) لعنه الله وقال لأتَّخذن من عبادك نصيباً مفروضاً (118) ولأُضِلَّنَّهم ولأُمنِّيَنَّهم ولآَمُرَنَّهم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذان الأنعام ولآمرنهم فَلَيُغَيِّرُن خَلْقَ الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً} (119)
ثمّ ادّعى الجفري أنَّ موسى عليه الصلاة والسلام قَبِلَ أنْ يَشْفَع لإبليس عند الله !!
ونَسيَ الجفري كعادته أنّ الله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز عن قول موسى في إبليس: {فَوَكَزَهُ موسى فَقَضَى عليه قال هذا مِنْ عَمَلِ الشيطان إنَّه عَدُوٌّ مُضِلٌّ مبين} 15 القصص.
ثُمَّ الطَّامّة الكبرى بعد ذلك ، عندما تجرَّأ الجفري على الله تعالى فادّعى أنَّ الله سبحانه قَبِلَ شفاعة موسى في إبليس وقال له: أخبر إبليس أنني قد قَبِلْتُ توبته وغَفَرْتُ له (هكذا بصيغة الماضي!) بشرط أن يَسْجُدَ عند قبر آدم ! وكالعادة فقد نسيَ الجفري أنّ الله تعالى قال في مُحكم كتابه: {وكان الشّيطان لِربِّه كفوراً} 27 الإسراء. {إنّ الشيطان كان للرحمن عَصِيَّاً} 44 مريم .
وقال الله مُخاطباً إبليس: {قال فاخْرج منها فإنّك رجيم ، وإنَّ عَلَيْك اللَّعنة إلى يوم الدّين ، قال ربِّ فأنظرني إلى يوم يُبعثون ، قالَ فإنّك من المُنظَرين ، إلى يوم الوقت المعلوم ، قال ربِّ بما أغويتني لَأُزَيِّنَنَّ لهم في الأرض ولَأُغوينهم أجمعين ، إلا عبادك منهم المُخْلَصين ، قال هذا صراطٌ عليَّ مستقيم ، إنَّ عبادي ليس لكَ عليهم سلطانٌ إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوين ، وإنَّ جهنَّم لَمَوعِدُهم أجمعين} الحِجر
ثمّ ، وبكل برود ، يقول الجفري إنّ موسى عليه الصلاة والسلام وجد أنّ الأمر بسيط ؛ ما هي إلا سجدة ؛ فرجع إلى إبليس فرِحاً وهو يقول له: أبْشِر أبشر !!! إنّ الله قد غَفَرَ لك وتاب عليك (أيضاً بصيغة الماضي!) شريطة أن تسجد عند قبر آدم .. وهنا كانت الصدمة الكبرى ، لقد رَفَضَ إبليس هذا العرض المغري من الله وردّ وساطة موسى وحافظ على موقفه الأوّل ؛ فما ينبغي له أن يُغيِّر مواقفه ! .
أرأيتم أيها الإخوة ماذا فعل الجفري ؟ لقد أظهر إبليس وكأنّه صاحب مبادئ (طبعاً علل ذلك بأنّه الكِبر) في حين أظهر سيّدنا موسى عليه الصلاة والسلام وكأنّه غافلٌ ـ والعياذ بالله ـ عن آيات ربّه وكلماته فرضي بالوساطة لإبليس ثمّ فرح بقبول التوبة من الله ثمّ ذهب مسرعاً ليبشّر مَنْ ؟ ليُبَشِّرَ إبليس ويقول له: أبشر !!!!!!!!!!
وبعد ذلك وقع في الأمر الأخطر وهو افتراؤه على الله وتألِّيه عليه ، بأن نسَبَ إليه الرّجوع عن قضائه المُبرَم وحُكمه الأزلي في خلود إبليس في النّار . وإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
كلّ هذه القصّة الباطلة لأجل ماذا يسردها الجفري ؟ لأجل أن يُبيّن للناس ماذا يفعلُ الكِبْرُ بصاحبه.
وصدق القائل: جاء يطبب زكاماً فأحدث جذاماً.
وها قد رأينا ماذا يفعلُ الكِبر بصاحبه لقد جعله يُخالف القرآن ويضرب به عرض الحائط ؛ من حيث لا يدري ؛ ويُسيء إلى سيّدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، ويجتَرِؤ على الله تعالى .
هل هذا فعلُ من عنده أثرة من علم ؟ هل كلامه كلام إنسان واعٍ ؟
أرأيت إذا اجتمع الجهل مع الكِبر والغرور ماذا تكون النّتيجة ؟
قال الله تعالى: {وَمِنَ الناس مَنْ يُجادل في الله بغير علم ويَتّبع كلَّ شيطان مَرِيد} 3 الحج. وقال عزَّ مِنْ قائل: {ألم أعهَد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌّ مبين} 60 يس